shutterstock_638548159-2101×1406
Remains-amphitheatre-Roman-Libya-Leptis-Magna

لماذا التحكيم والوسائل البديلة لفض المنازعات؟

يتميز القضاء بالبطيء الشديد، ونقص في عدد القضاة مقارنة بعدد القضايا، وهي صفة عامة للقضاء في جميع دول العالم، وهو ما جعل من مجتمع الأعمال في الغرب يطال بحماية تجارتهم وأموالهم التي يرغبون في استثمارها في دول أخرى، فلجئوا لحل نزاعاتهم عن طريق التحكيم الذي قام على فلسفة أن التأخر في حسم النزاعات عامل سلبي خطير على مستقبل الأعمال، ولذلك، فإن القول أن وجود التحكيم كان لخدمة القضاء أو للتخفيف عنه هو ترويج غير دقيق، بل غير صحيح لموضوع التحكيم؛ لأن من طالب به في الأساس هم التجار ورجال الأعمال في الغرب، وهذه الممارسة هي في الأساس من وحي رجال الأعمال والاقتصاد، وقد انعكست ممارسة التحكيم على المحامين والخبراء الذين أدخلوه للجامعات الحقوقية والاقتصادية، وأنشئوا مراكز التحكيم الوطنية والعالمية وقد استجابت السلطات التشريعية لمطالبهم واحترمها القضاء الوطني .

ومع مرور الوقت واتساع النشاط التجاري وزيادة سرعة الاتصالات والمواصلات والنقل والتنقل، أصبح حل المنازعات بواسطة التحكيم، الذي اختصر زمن التقاضي سابقا، مكلفا ماليا وليس محققا اليوم بالضرورة للسرعة المطلوبة في حل بعض المنازعات؛ لذلك طالب رجال الأعمال بمزيد من السرعة والفاعلية اختصارا للوقت وخفضا للتكاليف، فكان إلى جانب التحكيم، وسائل أخرى تسمى الوسائل البديلة لحل المنازعات التجارية مثل الصلح، التوفيق والتسويات الودية، وأصبح لها أنظمة ولوائح ومراكز ومتخصصون وممارسات تشريعية وقضائية، وأصبحت تلقى رواجا كبيرا، خاصة مع نمو وازدهار التجارة العالمية في أمريكا ومعظم الدول الأوربية التي فرضت شرط التحكيم لحل النزاعات التجارية على دول العالم الثالث، الذي بدأ في ممارسة التحكيم بطريقته وثقافته، التي انعكست على سلطته التشريعية والقضائية ومؤسساته وغرفه التجارية ورجال الأعمال والمحامين والمهن حرة، فكان القضاء ولا يزال في ريبة من أحكام التحكيم .

بينما الأساس في التحكيم هو خدمة التجارة والأعمال، بسبب أن الثقافة الحقوقية لرجال الأعمال ضعيفة وغرفهم التجارية انعكاس لهم، ولهذا صوتها خافت مع سلطات الدولة التشريعية، القضائية والتنفيذية، وهذا ما يبرر خسران معظم المنتمين إلى دول العالم الثالث قضاياهم التجارية بواسطة التحكيم في غرفة التجارة الدولية في باريس أو غيرها من مراكز التحكيم العالمية أو الإقليمية، كما أن السبب الثاني وراء هذه الخسارة هو غياب معظم مقومات وأساسيات اللجوء إلى التحكيم التي تبدأ باختيار المحامي المتخصص في العقود، ومن ثم المتخصص في صياغة بند التحكيم وفض المنازعات وغيرها من المتطلبات القانونية والمالية والإدارية لممارسة عمل التحكيم التجاري .